مصالح مستعجلات أم تعميق معاناة؟
بوجندار_____عزالدين/ المشاهد
بقلم: ذة. ثريا عربان
تعرف قاعات مصالح المستعجلات بمستشفى محمد السادس بمراكش فوضى عارمة، زادت من تعميق معاناة المرضى الذين يقصدون هذا الفضاء باعتباره ملاذًا لتخفيف وطأة الألم وإنقاذ ما يمكن إنقاذه، وبسرعة لافتة.
لكن بين التسمية “مستعجلات” والوظيفة “مستعطلات”، هوة عميقة، لأن الواقع خانق، والانتظار طويل. عشرات المرضى يفترشون الأرض أمام قاعة صغيرة، بها طبيب متدرب واحد أو اثنان على الأكثر، يُلقى على عاتقهما تلبية حاجيات هذا الحشد من المرضى بمختلف حالاتهم، بعضهم أسعفه الحظ وحن قلب الحارس (السيكوريتي) عليه، فمُدّ له بكرسي متحرك بعد مفاوضة، وآخر نُقل إلى سرير لأن حالته تستدعي ذلك، إذ يعوم في دمائه إثر حادثة سير مروعة، أو طعنة بسكين من مدمن، أو إصابة في حادث عمل… كلها حالات مستعجلة، لكنها تتكدس في واقع مزرٍ.
رغم ذلك، الجميع ينتظر. لا يُسمع في المكان إلا العويل وأنين المرضى الذين لا حول لهم ولا قوة، ينتظرون هنا وهناك، وذووهم يلهثون بطريقة هستيرية لاستكمال الإجراءات المطلوبة، خاصة الدفع النقدي المسبق، إن استدعى الأمر ذلك، لإدخال المريض إلى قاعة العلاج.
فكم من مريض قضى نحبه وهو ينتظر! أسرته أسرعت به إلى المستعجلات، لكن هذه الأخيرة أدت إلى تعجيل موته بدل إنقاذه.
حقيقةً، مأساة صحية تستحق منا أن نطرح أكثر من سؤال: من المسؤول عن هذا الوضع المزري؟ حيث لا يُسمع في المكان سوى أصوات “السيكوريتي” المتعالية، هذا الذي أصبح صاحب اليد الطولى، يصول ويجول، ويفصل في الأمور وكأنه يفهم في كل شيء.
فأي مستعجلات هذه؟ طبيب متدرب يجد نفسه، هو الآخر، في حاجة ماسة إلى مساعدة الطبيب الأستاذ، أقصد البروفيسور، الذي لا وجود له في هذا المكان الحساس، فتأخذه مكالمة هاتفية لدقائق ودقائق، مما يعثر كل ما يُفترض أن يكون “مستعجلًا”.
أهي مستعجلات أم آلية لتعميق المعاناة؟
قاعات فارغة من الأدوية، والكراسي، والأسِرّة، والتنظيم، والتدخل العاجل… وغيرها كثير.
لهذا، يجب ألا ننسى أن هذا الفضاء يحمل اسم “قاعات مصالح مستعجلات”، ومن المفروض أن يتوافق هذا الاسم مع نوعية الخدمات المقدمة للمرضى.
فلنضع الأسماء على مسمياتها.

