النيابة العامة تُغلق الحدود في وجه مشتبه فيهم بتلاعبات “الدقيق المدعم” بفاس.. بداية خيوط فضيحة تمسّ المال العام
بوجندار____عزالدين / المشاهد
في خطوة تعكس صرامة المؤسسة القضائية في حماية المال العام، أقدمت النيابة العامة بمحكمة الاستئناف بفاس، بتعليمات من الوكيل العام للملك، على اتخاذ تدابير احترازية صارمة في حق عدد من أصحاب المطاحن وبعض الوسطاء، على خلفية الاشتباه في ضلوعهم في تلاعبات طالت عملية توزيع “الدقيق المدعم” الموجّه للفئات الاجتماعية الهشة.
وقد تم، بموجب هذه التعليمات، منع المشتبه فيهم من مغادرة التراب الوطني إلى حين استكمال مجريات التحقيق، في إطار تفعيل مقتضيات المادة 49 من قانون المسطرة الجنائية، التي تخوّل للنيابة العامة صلاحية سحب جوازات السفر وإغلاق الحدود مؤقتاً ضد المشتبه فيهم، مع إمكانية تمديد القرار تبعاً لتطورات البحث.
وتأتي هذه الإجراءات بعد توصل الوكيل العام للملك بمعطيات دقيقة حول وجود تجاوزات محتملة في تدبير المواد المدعّمة، واستغلال كميات من الدقيق المخصص للفئات الفقيرة في قنوات توزيع غير قانونية، ما يُعد مساساً مباشراً بآليات الدعم الاجتماعي التي ترعاها الدولة.
وأفضت التحريات الميدانية إلى حجز ما يقارب 115 طناً من الدقيق المدعم غير الصالح للاستهلاك داخل مستودعين تابعين لمطحنين بفاس، وذلك بحضور ممثلين عن المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية (أونسا)، الذين عاينوا وجود مخالفات خطيرة تمس جودة المنتوج ووجهته الاجتماعية.
وتواصل المصالح الأمنية، بتنسيق مع الفرقة الجهوية للشرطة القضائية والنيابة العامة، مجهوداتها لتحديد جميع الأطراف المتورطة في هذه القضية، التي وُصفت بالحساسة بالنظر إلى ارتباطها المباشر بثقة المواطنين في منظومة الدعم العمومي وشفافية تدبيره.
وتشير المعطيات المتوفرة إلى أن انطلاق هذه الأبحاث جاء عقب شكاية رسمية تقدم بها أحد أعيان إقليم تاونات، كشف فيها عن اختلالات خطيرة في عمليات توزيع الدقيق المدعم على مستوى جهة فاس – مكناس، الأمر الذي دفع السلطات القضائية إلى فتح تحقيق شامل بتاريخ 6 مارس الماضي.
القضية ما تزال مفتوحة على جميع الاحتمالات، في ظل توقعات بامتداد التحقيقات إلى أطراف ومسؤولين محليين محتملين، خصوصاً بعد بروز مؤشرات على شبكة معقدة من المصالح المتشابكة حول هذا الملف.
ويُنتظر أن تكشف الأيام المقبلة عن معطيات إضافية قد تسلط الضوء على حجم الخروقات ونوعية المتورطين، في واحدة من أبرز القضايا التي تضع منظومة الدعم الغذائي بالمغرب تحت مجهر المساءلة والمحاسبة.