الوزيرة المنصوري: بين المكاشفة المتأخرة وتبرير الفشل

0 486

بوجندار_____عزالدين/ المشاهد

المقال السابع والخمسون بعد المئتان من سلسلة من قاع الخابية بعنوان : الوزيرة المنصوري بين المكاشفة المتأخرة وتبرير الفشل

 

استمعت، كما استمع الكثير من المغاربة، إلى كلمة السيدة ” فاطمة الزهراء المنصوري”، وزيرة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة، ورئيسة بلدية مراكش، والتي لم تتردد في الإقرار بفشل الحكومة في حل عدد من الإشكالات الآنية، وعلى رأسها قطاع الصحة.

 

اعترافٌ بدا متأخرًا، لكنه يضع الأصبع على الجرح، حين وصفت الوزيرة الوضع الصحي بـ”المعضلة البنيوية”، مشيرة إلى أن الخصاص في الموارد البشرية يتجاوز 30 ألف طبيب، وأن تجاوزه “ليس ممكنًا في سنة أو سنتين”، مؤكدة أن الحكومة الحالية لا يمكن أن تُحمّل وحدها هذا الإرث الثقيل.

كما شددت على أن الحراك الشبابي جيل” Z” لا يخيفها، معتبرة أن مطالب جيل ” Z” مشروعة، لكنه يفتقر إلى التأطير السياسي والإطار القانوني للتعبير عن الرأي. واعترفت بأنها، مثل كثيرين، لم تكن تؤمن بفعالية الأحزاب السياسية، لكنها، مع الممارسة السياسية وخوض تجربة المعارضة، أصبحت مقتنعة بأن التغيير ممكن، وبأن الحكومة قد تنجح في جوانب وتفشل في أخرى. وأضافت أنها أصبحت تملك “مناعة” من الهجمات التي تتعرض لها، واعتبرتها “تشهيرا دون أدلة”.

 

لكن، وأمام هذا الخطاب الذي طغت عليه نبرة التبرير، _ يحق لنا أن نتساءل _ : أين كانت هذه الجرأة في المكاشفة طيلة السنوات الماضية؟ وهل يكفي الاعتراف بالفشل دون تقديم حلول عملية، أو حتى جدول زمني واقعي للإصلاح؟

 

اللافت في تصريح الوزيرة أنها اعتبرت _ التشكيك في أداء الحكومة في قطاعات أخرى “سوء نية” ، متجاهلة أن النقد لا يأتي من فراغ، بل من واقع يومي يعيشه المواطن، ومن معاناة تمتد من _ مراكز العلاج إلى أقسام الدراسة _ ، ومن أبسط الخدمات إلى أكثرها تعقيدًا.

 

الأكثر إثارة، هو إيحاءات الوزيرة في خطابها التي تفيد : ” الله كريم… الله يسهل.. مستحيل هذه السنة ولا ما قبلها أو بعدها ” وهي تعابير توحي بالعجز أكثر من كونها وعودًا رسمية. فكيف نطلب من المواطن أن يثق في إصلاح قطاع الصحة، في وقت تفتقر فيه المستشفيات لأبسط الأدوية والمستلزمات الأساسية؟ بل إن المريض يُجبر في كثير من الأحيان على شراء حاجياته من خارج المستشفى، وبكميات تفوق حاجته.

ثم، أين هي الإجراءات لكبح نزيف الأطر الطبية والتعليمية نحو القطاع الخاص، الذي يغريهم برواتب أفضل وظروف عمل أكثر إنسانية؟ وأين هي مراقبة الصفقات العمومية الخاصة بالتجهيز والصيانة!؟، وأين تذهب الملايين التي خصصت لبناء وتجهيز مستشفيات جامعية لا تلبي حتى الحد الأدنى من الكرامة العلاجية ؟

كما تجاهلت السيدة الوزيرة الأسباب الحقيقية لهجرة الآلاف من الأطباء والمهندسين والكفاءات المغربية نحو الخارج، بعد أن أُغلقت الأبواب في وجوههم، وظل الوطن عاجزًا عن احتضان طموحاتهم.

في الختام، لا يمكن إصلاح قطاع حيوي كالصحة أو التعليم بالشعارات أو التبريرات أو الاكتفاء بعبارات من قبيل “الله كريم” ” الإصلاح الحقيقي يبدأ بالإرادة السياسية، والمحاسبة، وتقدير الكفاءات، والاستثمار الجدي في الإنسان.

 

فهل تملك الحكومة الشجاعة الكافية لفتح هذا الورش فعلاً؟ أم سنظل ننتظر سنوات ضوئية أخرى؟

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.