سماع مراكش… الدورة الرابعة عشرة تستعيد روح التصوف وتستحضر قصر البديع كإرث يستحق إعادة البناء
بوجندار______عزالدين /المشاهد
بقلم: ذ _ ثريا عربان
تستعد المدينة الحمراء لاحتضان فعاليات موسم سماع مراكش للقاءات والموسيقى في دورته الرابعة عشرة، خلال الفترة الممتدة من 4 إلى 7 دجنبر 2025، تحت شعار: “مراكش مقامة لسعادة الروح”. وهي دورة تحمل اسم الإمام ابن العريف، أحد كبار شيوخ التصوف في الأندلس والمغرب، وتنظمها جمعية منية مراكش لإحياء تراث المغرب وصيانته، بشراكة مع وزارة الشباب والثقافة والتواصل والمجلس الجماعي لمراكش.
وعلى مدى أربعة أيام، ستتوزع الأنشطة بين مدرسة ابن يوسف وخزانة ابن يوسف بالمدينة العتيقة، بما يشمل ندوات فكرية، ومحاضرات أكاديمية، ومجالس للسماع والذكر، إلى جانب جلسات تكريم وحوارات مفتوحة من العيار الثقيل، تعمّق النظر في قضايا التصوف وتعيد طرح أسئلة الهوية الروحية والثقافية للمغرب.
ومن بين أبرز الفعاليات، ندوة حول راهن الدراسات الصوفية، تنظم احتفاء بذكرى الراحل الأستاذ علي شودكفيتش، أحد أعلام الدراسات الإسلامية عالميا. وستعرف الجلسة تقديم كتاب جماعي صدر مؤخرا تكريما لروحه، بمشاركة نخبة من الأساتذة الجامعيين الذين ساهموا في تأليفه.
كما يتضمن البرنامج تقديم المؤلف الجديد للباحث سيرج سانتلي بعنوان: “مجموع تصاميم المدن العتيقة بالمغرب”، الذي يعد امتدادا لعمل سابق أنجزته وزارة التعمير وإعداد التراب الوطني سنة 2019 حول المدن التاريخية.
وسيُفتح خلال هذا اللقاء نقاش علمي حول إمكانية إعادة بناء بعض المعالم التاريخية وفق نماذجها الأصلية، وعلى رأسها قصر البديع، باعتباره أحد أعظم المنشآت التي شهدها المغرب في القرن السابع عشر، وقطبًا من أقطاب الذاكرة العمرانية لمراكش. وسيشارك في هذا الحوار مهندسون معماريون وباحثون متخصصون، بهدف إعادة التفكير في علاقة المدينة بتراثها المادي ورموزها التاريخية.
وتعد هذه الدورة ملتقى ثريا يجمع الزائرين والباحثين والمهندسين والفنانين والموسيقيين والطلبة، من داخل المغرب وخارجه، في فضاء يعزز الوعي بقيمة المدينة العتيقة، ويعيد الاعتبار للتصوف باعتباره رافدًا أساسيًا في بناء الهوية المغربية الإسلامية.
ولن تفوت جمعية منية مراكش فرصة تكريم أسماء بارزة ساهمت في صيانة التراث العمراني والموسيقى الروحية، حيث ستحتفي بالمهندسين المعماريين يوسف الجيراري وإيلي مويال، وبالفنان والموسيقار خالد البدوي، تقديرا لعطاءاتهم في خدمة معمار المدينة العتيقة والموروث الصوفي.
وتؤكد الجمعية، كما يردد رئيسها الباحث جعفر الكنسوسي، أن روح هذا الموسم تستلهم قول الإمام أبي حامد الغزالي: “إن النفس كالمدينة”، في إشارة إلى أن عمران المدن ليس إلا مرآة لعمارة الروح، وأن كنوز مراكش المادية ليست سوى امتداد لذاكرتها الصوفية وعمقها المعرفي..