أطفال الخيرية… مصير مجهول بعد سن الرشد

0 363

بوجندار______عزالدين /المشاهد

متابعة : نـــــزار بطاش

 

لا أحد يختار أن يولد طفلاً متخلى عنه؛ فالقدر وحده يرسم هذه البداية القاسية، حيث يجد الرضيع نفسه بين جدران دور الرعاية أو ما يُعرف بـ”الخيرية”، محاطاً بأيدٍ حانية تمنحه بصيصاً من الأمل، وربما وهماً أكبر من حجمه.

 

يكبر الطفل في تلك المؤسسات على وقع شعارات براقة: “الرعاية”، “الاحتواء”، “إعادة الإدماج”. لكن السؤال الحقيقي الذي يتفاداه الجميع هو: ماذا بعد؟

 

بمجرد بلوغ هؤلاء الأطفال سن الرشد، يجدون أنفسهم أمام أبواب الخيرية بلا أسرة تحتضنهم، ولا سند يحميهم، ولا سياسة عمومية تضمن لهم الاستمرارية. فجأة يُطلب منهم أن يواجهوا واقعاً مريراً لم يُهيأوا له، في مجتمع كثيراً ما ينظر إليهم بريبة أو بوصمة عار.

 

الأدهى من ذلك أن الفتيات هن الأكثر عرضة للضياع. كثيرات ينتهي بهن الأمر فريسة للاستغلال أو التشرد أو الوقوع في دوامة علاقات غير متكافئة، فقط لأنهن لم يجدن شبكة أمان اجتماعية تحميهن.

 

المؤسسات الخيرية تؤدي دوراً مهماً في مرحلة الطفولة، لكن الحقيقة التي لا يريد البعض الاعتراف بها هي أنها تُسلم هؤلاء الشباب إلى “الشارع” عند سن الثامنة عشرة، وكأنها تكرر التخلي عنهم للمرة الثانية.

 

المطلوب ليس فقط حضانة الطفولة، بل سياسة متكاملة ترافق هؤلاء إلى ما بعد سن الرشد، وتمنحهم تعليماً صلباً، وتكويناً مهنياً، وسكناً انتقالياً يحفظ كرامتهم، قبل أن يُطلب منهم بناء حياتهم الخاصة.

 

الطفل المتخلى عنه ليس مسؤولاً عن اختياره، لكنه يصبح ضحية مرتين: مرة حين تخلى عنه أهله، ومرة حين تخلت عنه الدولة والمجتمع.

 

أليس من حق هؤلاء أن يكون لهم مصير آخر غير التشرد والانكسار؟

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.