المحكمة الإدارية تُحرّك المياه الراكدة في ملف تضارب المصالح بسيدي بوعثمان
بوجندار_____عزالدين/ المشاهد
متابعة : عبد العزيز شطاط
في تطور قضائي جديد يعيد النقاش حول ربط المسؤولية بالمحاسبة، أصدرت المحكمة الإدارية حكمًا ابتدائيًا يقضي بإلغاء القرار الضمني لعامل إقليم الرحامنة، والمتعلق بعدم اتخاذه الإجراءات القانونية في قضية رئيس المجلس البلدي لمدينة سيدي بوعثمان م.ط، التي أثارت جدلًا واسعًا بسبب شبهة تضارب المصالح.
وتعود فصول القضية إلى استغلال منزل بالحي الإداري بسيدي بوعثمان من طرف م.ط، والد رئيس المجلس البلدي والبرلماني السابق، حيث كشف تقرير المجلس الجهوي للحسابات بجهة مراكش آسفي عن معطيات دقيقة تُفيد بأن المعني بالأمر قام بالترامي على مساحة تُقدّر بـ754 مترًا مربعًا من الملك العام الجماعي، وبناها دون ترخيص قانوني، مستغلا الموقع في إقامة محلات تجارية وسكنية وكرائها بطرق مخالفة للقانون.
كما أظهرت مراسلة رسمية صادرة عن باشا مدينة سيدي بوعثمان بتاريخ 8 يونيو 2022 (تحت المرجع عدد 2413)، أن والد رئيس المجلس البلدي م.ط تنازل عن المنزل الكائن بالحي الإداري لفائدة شخص يُدعى م.ب، غير أن المحكمة اعتبرت هذا التنازل باطلًا ولا يُنتج أي أثر قانوني، موضحة أن عقود الكراء تفسخ بموجب عقد مكتوب وليس بتنازل شفوي أو شخصي للغير.
وفي معرض رده، حاول رئيس المجلس البلدي تبرير الموقف بالقول إن العقد الذي كان مبرمًا مع والده قد تم إلغاؤه بعد هذا التنازل، إلا أن المحكمة رفضت هذا الدفع، معتبرة أن العقد الأصلي لا يزال ساري المفعول ما دام لم يُفسخ وفق الشروط القانونية، وأن ما قدم من مبررات “لا سند له في القانون”.
وبناءً على هذه المعطيات، خلصت المحكمة إلى أن الملف يشكل حالة واضحة لتضارب المصالح كما تنص عليه المادة 65 من القانون التنظيمي للجماعات، والتي تمنع المنتخبين من التعامل مع الجماعة التي يسيرونها بصورة مباشرة أو غير مباشرة.
القرار القضائي، الذي وصفه عدد من المهتمين بالشأن المحلي بـ“الخطوة الجريئة”، دعا عامل الإقليم إلى اتخاذ الإجراءات القانونية الملائمة في إطار سلطته الرقابية، بما في ذلك دراسة الشكاية المقدّمة ضد رئيس المجلس البلدي، والاستماع إلى الأطراف المعنية وفق المقتضيات القانونية.
ويرى متتبعون أن هذا الحكم يُعيد الثقة في دور القضاء الإداري كآلية لتصحيح الاختلالات داخل المجالس المنتخبة، كما يُجسّد توجهًا نحو تعزيز مبادئ الشفافية والحكامة الجيدة في تدبير الشأن المحلي.
ويُنتظر أن يُلقي هذا التطور القضائي بظلاله على المشهد السياسي المحلي بسيدي بوعثمان، وسط دعوات إلى مواصلة التحقيق في ملفات مشابهة تُثار حول تضارب المصالح واستغلال النفوذ داخل بعض الجماعات الترابية.