المغرب وكأس أمم إفريقيا: تاريخ من الحضور وصناعة المجد

0 166

بوجندار______عزالدين/ المشاهد

متابعة: ياسين_جندر

 

منذ انخراطه المبكر في المشهد الكروي الإفريقي، رسّخ المغرب مكانته كأحد الأركان التاريخية لكأس أمم إفريقيا، ليس فقط كمنتخب منافس، بل كفاعل أساسي في صناعة الحدث القاري، تنظيمًا ومشاركةً وسردًا كرويًا ممتدًا عبر الأجيال. فقد سجل “أسود الأطلس” أول حضور لهم في نهائيات الكان خلال نسخة السودان سنة 1972، قبل أن يبلغوا ذروة المجد القاري سنة 1976 بإثيوبيا، حين توّج الجيل الذهبي بقيادة القائد أحمد فرس باللقب الوحيد في سجل الكرة المغربية، إنجازٌ ظل راسخًا في الذاكرة الإفريقية كأحد أبرز محطات البطولة.

 

ولم يغب المغرب بعد ذلك عن دائرة المنافسة، إذ ظل قريبًا من منصة التتويج في أكثر من مناسبة، أبرزها وصافة نسخة 2004 بتونس، إلى جانب مشاركات متقدمة في نسخ لاحقة عكست استمرارية الحضور وقوة التنافس، رغم تعاقب الأجيال واختلاف السياقات.

 

وعلى مستوى التنظيم، بصم المغرب بدوره على محطات بارزة في تاريخ كأس أمم إفريقيا، حيث احتضن نسخة 1988 في تنظيم وُصف بالناجح، تُوّجت خلالها الكاميرون باللقب. كما كان مقرّرًا أن يستضيف نسخة 2015 قبل أن تُسحب منه لأسباب صحية عالمية آنذاك، في قرار أثار جدلًا واسعًا، لكنه لم يُضعف ثقة الاتحاد الإفريقي في قدرة المملكة التنظيمية، وهو ما تُرجم لاحقًا بمنحها شرف احتضان نسخ قادمة في إطار مشروع كروي وبنيوي متكامل.

 

ويعكس سجل المتوجين بكأس أمم إفريقيا خريطة كروية قارية متحركة، تتصدرها مصر كأكثر المنتخبات فوزًا باللقب، تليها الكاميرون وغانا ونيجيريا، إلى جانب منتخبات أخرى صنعت أمجادها في محطات مختلفة مثل الجزائر، السنغال، كوت ديفوار، تونس، زامبيا، جنوب إفريقيا والكونغو الديمقراطية، وهو تنوع يعكس التطور المتسارع لكرة القدم الإفريقية واتساع دائرة المنافسة.

 

وفي قلب هذه المسيرة القارية، ظل المغرب حاضرًا بأجياله المتعاقبة، من جيل التأسيس الذي خط أولى صفحات المجد، إلى جيل الاحتراف الذي حمل مشعل التنافس القاري بقيادة أسماء وازنة من قبيل نور الدين النيبت، مهدي بنعطية، يونس بلهندة، وصولًا إلى الجيل الذهبي الحديث بقيادة حكيم زياش، أشرف حكيمي، ياسين بونو وسفيان أمرابط، الذين أعادوا للأسود هيبتهم قارياً وحضورهم عالمياً.

 

هكذا، لا يقف المغرب على هامش كأس أمم إفريقيا، بل في صلبها، شاهدًا على تاريخها وصانعًا لجزء من سرديتها، يحمل ذاكرة الأمس، ويخوض تحديات اليوم، ويتطلع بثقة إلى مجد قاري لم يعد بعيد المنال.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.