احتضنت قاعة الندوات التابعة لكلية الآداب والعلوم الإنسانية بمراكش مؤخرا ندوة وطنية في موضوع: ” الموارد الطبيعية وتدبير المجالات الهشة بالمغرب، نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة’، من تنظيم مختبر الدراسات حول الموارد والحركية والجاذبية.
وعرفت هذه الندوة الوطنية تنظيم ثلاث جلسات،: الأولى همت موضوع: الموارد ومظاهر الهشاشة وتحديات الإستدامة بالمجالات الهشة بالمغرب، والثانية كان موضوعها : أسباب وأثر وأساليب تتبع الديناميات بالمجالات الهشة بالمغرب، فيما تمحورت الثالثة: حول موضوع المجالات الهشة بالمغرب بين التدبير تفاقم حدة الأخطار الطبيعية.
الأستاذ: جواد ظريف أستاذ بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بمراكش شعبة الجغرافيا، أوضح في تصريح خص به جريدة “المشاهد” أن عقد هذه الندوة الوطنية حول موضوع الموارد الطبييعة وتدبير المجالات الهشة بالمغرب نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة، هدفها هو المشاركة بعدد هام من المداخلات من إنجاز أساتذة باحثين في سلك الدكتوراه وطلبة سلك الماستر، وذلك أجل محاولة تشخيص الموارد والإمكانيات التي يتوفر عليها المجال المغربي.
مضيفا أن المغرب يتوفر على موارد متنوعة من تربة، ماء وغطاء غابوي، لكن مع ظاهرة الجفاف أصبحت هذه الموارد المائية والغابوية متدهورة تعاني من عدة إكراهات فالنسبة للمياه مثلا، فحقينة السدود تراجعت بشكل كبير جدا وتضررت عدد من المنتجات الزراعية كالإنتاج الوطني من الزيتون، فسابقا كان لتر واحد من زيت الزيتون ثمن بيعه لا يتجاوز 45 درهما في المعصرات، لكن هذه السنة وصل ثمن البيع إلى حوالي 80 درهما للتر الواحد بسبب ظاهرة الجفاف.
فما يقال عن الماء يقال أيضا على التربة حيث أصبحت الأتربة منهكة بسبب كثرة الإستغلال والسقي وهذا أمر طبيعي يضيف ذ” ظريف ” فكلما زاد عدد السكان كلما إزادتت حاجياتهم في الغذاء، وكلما ساهم ذلك في الضغط على التربة والموارد المائية وبالتالي في خلال هذه الندوة الوطنية فكرنا في إطار مقاربة شمولية ومندمجة تأخذ بعين الاعتبار هشاشة الأوساط وقلة الموارد الطبيعية وفي نفس الوقت تلبية حاجيات الساكنة وهذه مسألة صعبة جدا وهذا هو التوجه الذي يجب أن يسير عليه البحث العلمي وتشجيع هذا البحث العلمي والإشتغال على زراعات أقل إستهلاكا للمياه.
مضيفا كذلك أنه يجب ما أمكن التخلي على الزراعات المستهلكة للمياه كالبطيخ ولافوكا مثلا، فهذه الأصناف مستهلكة للمياه في مجال لا ينتج الماء ومحاولة تشجيع زراعات تتكيف مع الجفاف كالصبار أو مايسمى في مناطق أخرى بالمغرب: الكرموس أو الهندية، حيث كانت تعتبر وجبة غداء أو عشاء على المائدة المغربية، وهذا مايجب أن تسير فيه الجهات المعنية والحد من هذا النزيف الذي تسبب في أزمات كحالة الطوارئ المائية التي نعيشها خلال الفترة الحالية.
من جهتها: الاستاذة فاطمة الجبراتي أستاذة بشعبة الجغرافيا بكلية الاداب والعلوم الانسانية بمراكش، أكدت في تصريح لها لجريدة ” المشاهد” أن هذه الندوة الوطنية ناقشت التنمية المستدامة في علاقتها مع الموارد الطبيعية وفي علاقتها مع المزاوجة بين المنطقين: منطق الإستغلال والإستهلاك ومنطق المحافظة عل البئية، حيث كانت العديد من التدخلات أثارت العديد من الإشكاليات متعددة الأبعاد تمس أساسا المجالات الغابوية في المغرب والمجالات الحضرية والمسقية أساسا منها القطاع السقوي بمنطقة دكالة.
مضيفة كذلك أن العديد من المشاركات القيمية التي أدلى بها المتدخلون في هذه الندوة، كلها أثارت إشكالية التنمية المستدامة بالمغرب وكيف يمكن أن نحافظ على مجالاتنا الخضراء ونضمن سيرورة القطاعات المسقية والمجالات الخضراء وليس مستوى المجالات الريفية فقط، بل حتى داخل المجالات الحضرية.
الأستاذة الجبراتي أشارت أيضا، أن هذا الإشكال يطرح نفسه بحدة على أساس أن هناك توسع عمراني كبير جدا ونمو حضاري في المغرب يناهز حسب الإحصاء الأخير 60.3 في المئة يعني الساكنة الحضرية تجاوزت 50 في المئة، وأصبحت تطفو على المشهد السكاني في المغرب، وهو مايثير الكثير من الإشكاليات أولا المتعلقة بنسبة المجال مما أدى إلى استفادة كل مواطن من المجالات الخضراء داخل هذه المجالات الحضرية، وثانيا توفير الأمن الغذائي لهذه الساكنة الحضرية، بحيث أن التوسع العمراني بدأ يكتسح المجالات الصالحة للزراعة وهو الإشكال القائم ليس فقط في منطقة دكالة ولكن أيضا بجهة مراكش آسفي خاصة داخل المجال الحضري لمدينة مراكش، بحيث أن إكتساح هذه الأراضي الصالحة للزراعة وتعويضها بالسكن حضري أصبح ظاهرة مقلقة جدا.
ومن خلال منبر “المشاهد” دعت الأستاذة فاطمة الجبراتي، السلطات والمسؤولين والمعنيين بالأمر والإدارات المسؤولة أيضا على هذا القطاع، بضرورة المزاوجة وإعادة النظر وعقلنة هذا التوسع العمراني من جهة، وإعادة النظر في المقاربة المعمول بها من جهة ثانية، لأنه حسب “الجبراتي” لابد من الأخذ بعين الإعتبار بين البعد البيئي والمجالات البيئية وإستحضارها بقوة في إشكالية التوسع العمراني داخل المجالات الحضرية من أجل الحفاظ على سلامة المواطنين وعلى جمالية المدينة خاصة كمدينة مراكش، لأن مراكش إشتهرت بكونها وردة داخل النخيل فشهرتها وجماليتها مرتبطة بمجالاتها الخضراء بالإضافة إلى تاريخاها وتراثها ومآثرها التاريخية فلابد من الإنتباه إلى هذا الأمر وإعادة النظر في المقاربة المعمول بها على مستوةطى البعد البئي والتنمية المستدامة.
يشار أن هذه الندوة الوطنية جمعت خيرة الأساتذة الباحثين الذي قدموا عروضا تهم النقاط السابقة الذكر.
هذا، ومن المرتقب أن تنظم ندوات أخرى في القادم من الزمن من طرف مختبر الدراسات حول الموارد والحركية والجاذبية، في نفس السياق بغية التعريف بإشكالات إستنزاف الموارد الطبيعية بسبب الإستغلال المفرط لها وخطورة ذلك على السكان في عدد من مناطق المغرب.