تسلطانت… مهد المفاجآت والاختلالات العمرانية

0 358

بوجندار_______عزالدين المشاهد

 

المقال الخامس والثامنون بعد المئتان من سلسلة من قاع الخابية بعنوان : تسلطانت… مهد المفاجآت والاختلالات العمرانية

 

منذ أزيد من شهر تقريبًا، تسربت رائحة قرار مشبوه بين الساكنة ، سرعان ما انتشر كالنار في الهشيم ليتداوله الرأي المحلي على شكل تساؤلات وتعجبات، خصوصًا ساكنة دوار الهنا، بعد تأكدهم—وبقدرةِ قادر – من إدخال تغيير على تصميم التهيئة، ويهم الأمر مشروعا اجتماعيا واقتصاديا بدوار لهنا حسب تنقيط تصميم التهيئة المصادق عليه سنة 2017 على شكل مجمع خاص بالصناعة التقليدية، الا أنه ووفق مصادر جد مطلعة فتصميم المجمع تم إضافة محطة للوقود وفضاء ترفيهي ليتم الجمع بين المحطة والفندق في مساحة جد مزدحمة في تحد سافرٍ لقانون التعمير.

وتشير المعطيات المتوفرة إلى أن مثل هذه التغييرات لا يمكن أن تتم إلا عبر مساطر وإجراءات قانونية معقدة، تخضع لمقتضيات تنظيمية صارمة، وتتداخل فيها اختصاصات عدة مؤسسات رسمية، ما يطرح أكثر من علامة استفهام حول الكيفية التي تم بها هذا التحول الجذري في طبيعة المشروع وتجدر الإشارة هنا إلى أنه تم سلك المسطرة العادية للترخيص بمنصة “رخص”دون الرجوع على الأقل للمركز الجهوي للإستثمار.

وتضيف المصادر أن ساكنة دوار الهنا سبق أن عانت لسنوات من اختلالات عمرانية رافقت مراحل تنفيذ برنامج إعادة الهيكلة، حيث تم حرمان الدوار من عدد من المرافق الاجتماعية الأساسية، من بينها إعدادية عمومية ومستوصف صحي. واليوم، يجد السكان أنفسهم أمام ما يصفونه بفضيحة عمرانية جديدة، تتجلى في الترخيص لإقامة محطة للوقود بمحاذاة أحياء سكنية، وبالقرب من مدارة شارع محمد السادس ، والفنادق السياحية الضخمة ، وطريق أوريكة المعروفة أصلًا بكثرة حوادث السير، نظرًا لضيق عرضها.

ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد، إذ يقع المشروع المثير للجدل بمحاذاة حلبة مولاي الحسن لسباق السيارات ( الفورميلا ).، وفي نطاق مجال سياحي حساس، داخل مدينة تعتمد بشكل كبير في مداخيلها الاقتصادية على السياحة والصناعة التقليدية. وهو ما جعل فاعلين محليين يعتبرون أن بعض المستثمرين الإنتهازيين، وبدعم من مسؤولين باتوا يهددون بشكل مباشر التوازن الاقتصادي والعمراني للمدينة باستغلال المحيط بشكل بشع.

وتفيد المعطيات المتداولة بأن تغيير تصميم البقعة موضوع المشروع ترتب عنه الاستيلاء على عشرات الأمتار المربعة، وضمها إلى مشروع محطة الوقود، إضافة إلى شق طرقات ثانوية لتسهيل الولوج إلى المحطة، وهي طرقات غير واردة في التصميم الذي تم اعتماده منذ أكثر من عشر سنوات، والذي على أساسه سُلّمت لشركة العمران رخصة نهاية أشغال إعادة الهيكلة.

وقد أصبحت هذه العملية حديث الساعة في أوساط الرأي العام المحلي، خاصة وأن المشروع يتعلق بمحطة وقود مجاورة لفندق، وفي موقع بالغ الحساسية، تحيط به كثافة سكانية مهمة ، أصبح في غفلة من الساكنة ذا تصاميم مختلفة.

ويطرح تحويل مشروع كان مخصصًا لإحداث مجمع للصناعة التقليدية بإِضافة محطة للوقود وفضاء ترفيهي يثير تساؤلات عريضة حول خلفيات الصفقة، وهوية المستفيدين منها، وما إذا كانت هناك مصالح تتم خدمتها “من تحت الطاولة”.

وفي هذا السياق، دعا المجتمع المدني المحلي الجهات المختصة إلى فتح تحقيق معمق في هذه النازلة، والتحقق من مدى احترام المشروع لمبادئ الشفافية والقانون. كما أشار مصدر عليم ، وبعد تسريب الخبر داخل أوساط الرأي المحلي ، ان أرض المشروع اصبحت معروضة للبيع بثمن وُصف بالخيالي، عبر مجموعة من السماسرة الذين تكلفوا بتسويق العملية.

وتأتي تساؤلات الساكنة في ظرفية خاصة، تتزامن مع تواجد مفتشي وزارة الداخلية بمقر المجلس الجماعي لتسلطانت، من أجل التحقيق في عدد من التجاوزات المنسوبة لمسؤولين حاليين وسابقين، همّت مجالات متعددة، من بينها التعمير، ورخص الربط، والصفقات العمومية.

وأمام كل هذه المعطيات، يبقى السؤال مطروحًا: هل ستتحرك جهات الرقابة لوضع يدها على هذا المشروع، وفتح تحقيق جدي في خباياه، وترتيب الآثار القانونية الممكنة، أم أن الملف سينضاف إلى سلسلة من القضايا التي ظلت دون مساءلة؟

وللاشارة وتذكيرا بقانون التعمير ، فإنه بعد المصادقة على تصميم التهيئة، يصبح الوثيقة القانونية والتقنية الأساسية لتنظيم المشاريع العمرانية والتجارية، إذ يحدد بدقة استعمالات الأراضي في إطار عملية تنقيط خاصة(le règlement du plan d’aménagement) (سكني، تجاري، صناعي)، ونِسَب البناء، والارتفاعات، والمساحات المسموح بها، ويمنع أي تغيير مخالف له دون ترخيص قانوني. كما يترتب عنه إعلان المنفعة العامة للمناطق المخصصة للتجهيزات العمومية، مما يخضعه لمقتضيات قانونية صارمة.

ورغم هذه الصرامة، يتيح القانون مسارات محدودة للتغيير، من بينها رخصة بناء تعديلية عند إدخال تغييرات جوهرية، أو رخصة تغيير دون مساس بالهيكل بالنسبة لتعديل الواجهات أو النشاط، مع ضرورة طلب مذكرة المعلومات التعميرية قبل أي إجراء لمعرفة الضوابط والارتفاقات القانونية…

ويبقى هذا مجرد سؤال؟ حتى نتوصل بالجواب من الجهات المسؤولة بتسلطانت، فحق الرد مكفول للجميع.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.