تاج الدين الحسيني : قرار الجزائر كان متوقعا بحكم التصعيد الذي نهجته مؤخرا

0

في حديث صحفي خص به أستاذ العلاقات الدولية بالرباط محمد تاج الدين الحسيني موقع هسبريس حول قرار الجزائر قطع العلاقات مع المملكة المغربية أكد فيه على أنه قرار متوقع، ومتوقع بكيفية تكاد تكون مؤكدة لأن عملية التصعيد التي عملت المؤسسة العسكرية الجزائرية على إدارتها في العلاقة مع المغرب ليس الآن فقط ، و لكن منذ عدة أشهر سارت في هذا المنحى التصاعدي لدرجة أننا بلغنا وضعية يسحب فيها السفير من المغرب، تستمر عملية إغلاق الحدود رغم عدة أياد ممدودة من طرف المغرب بخصوص إعادة فتحها و توضيح مخاطر استمرار هذا الوضع و كذلك توجيه بعض الاتهامات، حقيقة هي فقط اتهامات رخيصة و لكنها عشوائية و لا يمكن أن تصدر عن شخص يتحكم بشكل دقيق فيما يقدم من معلومات، أقول هذا لأن الآن بلغ السيل الزبى كما يقال.

ويتسائل تاج الدين الحسيني : هل يعقل أن المجلس الأعلى للأمن في الجزائر برئاسة رئيس الجمهورية يجتمع ليعتبر بأن المغرب هو مسؤول عن الحرائق التي عرفتها الجزائر، يعني بقي فقط أن يشير إلى أنه حتى الحرائق التي عرفتها اسبانيا و اليونان والمغرب هي كذلك من فعل المغرب، هذا في وقت كان فيه العاهل المغربي فقط قبل بضعة أيام قد ألقى خطابا يشكي يدا ممدودة لا حدود لها للتعاون الجزائري المغربي نهاية العام الماضي و الدخول في نوع من التنسيق لإعادة بناء المغرب العربي، و هذه ليست الدعوة الأولى منذ سنة 2018 لاحظنا أن العاهل المغربي كذلك وجه إلى القادة الجزائريين نداءا يطالب فيه بإنشاء لجنة ثنائية مشتركة يكون هدفها الأساسي هو محاولة النقاش بخصوص كل القضايا الثنائية المعلقة و البحث عن وسائل تسويتها بشكل عقلاني وواقعي و لما فيه مصلحة الشعبين الشقيقين.

لأول مرة يقول الحسيني نسمع في خطاب لرئيس دولة الإشارة إلى أن الشعبين المغربي و الجزائري ليس فقط جارين أو أخوين بل أشار إلى أنهما توأمان وهذا يؤكد طبيعة التداخل المتين و القوي بين مكونات الشعبين سواء على مستوى عاداتهما و تقاليدهما أو على مستوى لغتهما و طريقة حياتهما أو حتى على مستوى أمالهما المشتركة و المصالح المتبادلة بينهما في بناء مستقبل أفضل لهما معا لكن حقيقة أن يصل الأمر إلى هذا النوع من الاتهامات، يعني تصوروا أن الوزير الاسرائيلي قال أشياء في حق الجزائر في ندوة صحفية جوابا عن صحفي معين فإذا بالسيد العمامرة والذي هو وزير الخارجية بالجزائر يقول في ندوة صحفية أمام الجميع بأنه ما كان لهذا الرجل أن يحضر إلى المغرب اصلا أو بأن يدلي بأي تصريحات و ذهب به الأمر إلى القول بأنه حتى هذه التصريحات تم الإيحاء له بها من طرف الوزير الخارجية المغربية، حقيقة إذا كان يقال بأن كلام العقلاء يصان عن العبث فهذه المؤسسة العسكرية في الجزائر دخلت فعلا في مجال العبث الحقيقي و أقول هذا لأن كل ما جاء في هذا البيان الصادر عن مسألة إعادة النظر في العلاقات كله مبني على إفتراضات لا يؤيدها أي إثبات أو حجة مقبولة، تصوروا كذلك أن المسألة التي تتعلق بالحرائق يشار إلى أن هناك دعم للجماعات الانفصالية في القبايل رشاد و مكاد… هذه الجماعات يعتبر أن المغرب هو الذي يدعمها و هو الذي ساعدها في عملية الإحراق. إذا هل لديكم أي حجة تؤكد أي مشاركة للمغرب في هذا المجال؟ لا وجود إطلاقا لأي حجة بهذا الخصوص فقط من يتحدثون باسم الحكومة الجزائرية يقول إننا نتوفر على هذه الحجج، دولة ذات سيادة عندما يقع شيئا من هذا القبيل و هذا إعتداء على السيادة، كان عليها أن تتوجه مباشرة إلى مجلس الأمن لأنه المسؤول سواء على الصعيد الدولي او الإقليمي فيما يتعلق بالمساس بالوحدة الترابية للدول أو تهديدها و مادامت لازالت ليست لديكم أية حجج فبطبيعة الحال لم تتمكنوا من اللجوء لا إلى مجلس الأمن و لا إلى غيره، حقيقة عندما نقوم بتصنيف هذه الادعاءات و طريقة تكييفها و عملية التصعيد المرتبطة بها يظهر واضحا أن الأمر يتعلق بنوايا مسبقة هدفها ربما ليس فقط الوصول إلى قطع العلاقات.

قطع العلاقات هو فقط ممر و إلا فهذه العلاقات هي مقطوعة منذ سنة 94 عندما أغلقت الحدود، مقطوعة منذ ان سحب السفير الجزائري من المغرب، مقطوعة عندما عمدت الصحف الجزائرية التي جلها صحف رسمية إلى الخروج في صفحاتها الأولى بعناوين كبيرة تدين فيها المغرب و تدين شخص الملك الذي يكن له الجميع كل الاحترام و التقدير و بالتالي الأسوء ربما هو الذي يمكن انتظاره من هذا النظام و كما قلت هذا الأسوء كان قد بدأ عندما قررت الجزائر أن تدعم البوليزاريو في عملية تجاوز وقف إطلاق النار الذي تم إقراره من طرف الأمم المتحدة و اتخاذ مواقف عشوائية بكونها تمارس الحرب، بقي فقط أن تساهم معها الجزائر الرسمية في مثل هذه الحرب .

وفي سؤال: هل يمكن أن يتحول التصعيد الجزائري ضد المغرب إلى مواجهة حربية؟

أجاب الحسيني أنا في اعتقادي أن كل الاحتمالات تبقى ممكنة و تبقى مطروحة على الطاولة والاختيار هو ليس للمغرب في هذا المجال ، المغرب له مبادئه التي يحافظ عليها و التي تتعلق باحترام مبادئ الأمم المتحدة التي تهم عدم اللجوء إلى استعمال القوة، إلى تسوية المنازعات بالطرق السلمية، إلى احترام حقوق الجوار مع البلدان في المجال الإقليمي، إلى الحفاظ على المؤسسات الإقليمية و خاصة دعم الاتحاد المغرب العربي لكن العكس هو الذي يقوم به النظام الجزائري بكل تأكيد و لهذا يمكن القول أنه إذا اندلعت الحرب فسوف يكون النظام الجزائري هو المسؤول عليها بكيفية مطلقة و أكثر من هذا، هذا النوع من الأنظمة الشمولية دائما أهدافها تبقى و تكون مرتبطة بالبحث عن نافذة خارجية تحاول من خلالها تهدئة الأوضاع في الداخل، و الحرب هي من بين الأسلحة التي تستعمل. و إلا فعلينا أن نطرح السؤال لماذا تكون الجزائر هي أول دولة تستورد السلاح في مجموع القارة الإفريقية؟ السيد شنقريحة سبق له و أن أجاب عن هذا السؤال و قال نحن نستعد و ندعم قواتنا العسكرية لهدفين : محاربة الإرهاب و لمواجهة عدونا الكلاسيكي، من هو هذا العدو الكلاسيكي إن لم يكن هو المغرب.

سؤال: ما هي تداعيات قطع العلاقات بين البلدين على المنطقة المغاربية؟

يعني حقيقة قد يلاحظ المرء بكثير من الحسرة و كثير من التشاؤم هذه التطورات المذهلة و الخطيرة التي تعيشها منطقتنا و أقول بكل صراحة بأنه كان من المنتظر من كل من المغرب و الجزائر أن يلعبا في هذه من المنطقة من العالم بالذات نفس الدور الذي لعبته كل من ألمانيا و فرنسا في حق الاتحاد الأوروبي هاتان الدولتان التي جرت بينهما أنهار من الدماء في حربين عالميتين مدمرتين إرتأيتا نظرا لوجود عقلاء على رأس مقاليد الحكم فيهما في تلك الفترة من الزمن، إدناور في ألمانيا و الجنرال دوكول في فرنسا أن تختار طريق العقل و الحكمة و أن تنشأ سوقا متواضعة من ست دول، السوق الأوربية المشتركة لتتطور بشكل مذهل لا في العدد ولا في الإمكانيات و الفعاليات لدرجة إنشاء لجان و مؤسسات فوق وطنية هي التي هي اليوم لإتخاذ القرار الأوروبي، كان علينا جميعا أن نأخذ الدرس من هذا التطور المشهود الذي ليس بالبعيد عنا و لكن للأسف الرغبة في الهيمنة و التحكم و غياب السلطات المدنية عن اليات الحكم في الجزائر سارت عكس هذا التيار و إلا لماذا يرفع الملايين من أبناء الشعب الجزائري بشكل متواتر طوال عدة سنوات لافتات يطلبون فيها و يلحون فيها على أن تغادر العصابة الحكم ويلحون فيها على أن تكون الحكومة مدنية و ليست عسكرية و يلحون فيها على نموذج جديد من تقرير مصيرهم في مواجهة هذا الطغيان الذي يعيشونه في الداخل و الذي ينعكس بالتأكيد على الجيران الاقربين و على رأسهم المغرب بكل تأكيد.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.