رقية شرعية”.. أم نصب واحتيال ؟!! من يحمي أرواح الناس من تجار الوهم؟

0 60

بوجندار_____عزالدين/المشاهد

متابعة : عبد_العزيز_شطاط

 

في مغرب سنة 2025، لا يزال المئات يتقاطرون يومياً على أبواب من نصبوا أنفسهم رقاة وشرفاء ومعالجين روحانيين. ضحايا يجرّون خلفهم آلاماً نفسية ثقيلة وأوجاعاً مزمنة، بحثاً عن أمل يعيد إليهم شيئاً من الطمأنينة.

لكن كثيرين يجدون أنفسهم فريسة سهلة في قبضة نصّابين ومشعوذين يتخفّون خلف عباءة الدين والتقوى؛ يتاجرون في أوجاع الناس ويستغلون جهلهم وضعفهم بلا رحمة.

 

في زمن اخترع فيه الإنسان دواءً للسرطان، وغزا الفضاء، وبلغ حدود الذكاء الاصطناعي، ما زال بيننا من يقدّس المشعوذين، ويهرع إلى “الرقاة” بحثاً عن شفاءٍ موهوم… وكأن العقول توقّفت عند بوابة الجهل.

 

رقاةٌ يأكلون أموال ضحاياهم بالباطل… فلماذا لا تُفتح لهم أبواب السجون؟

يصدرون “أحكام الإفراغ” على الجنّ المزعوم من أجساد من آمنوا بالمسّ واللبس، وكأنهم قضاة العالم الآخر! يبيعون الوهم ويشترون مقابله ذهباً ومالاً وذبائح تُقدّم تحت لافتة “الرقية الشرعية”.

 

ضحاياهم ليسوا سوى مواطنين بسطاء، آمنوا بأن أجسادهم مساكن للجن والشياطين، واعتقدوا أن الحل الوحيد هو الركوع عند أقدام هؤلاء الرقاة… يدفعون، ويقدّمون، ويُذلّون أنفسهم ظناً منهم أنهم يمسكون بطوق نجاة.

 

وفي تامنصورت، يزعم مشعوذ يُلقّب نفسه بـ “الشريف” امتلاك بركة ربانية تعالج كل داء. وآخر وجد في هذا المجال أرضاً خصبة للاغتناء. ثم محلات للعطارة تحوّلت إلى أوكار للشعوذة والسحر، وما خفي أعظم. وفي آسفي، يروّج مشعوذ آخر لقدرته على طرد الجنّ عبر “بركة دخانه”.

 

أسئلة جوهرية تفرض نفسها بقوة:

 

هل هؤلاء الضحايا فعلاً متلبّسون بالجن والشياطين؟ أم أنهم مرضى نفسيون كما يقول العلم وأهل الاختصاص؟

 

من نصدق؟ الرقاة أم الأطباء؟ العلم أم تجار الظلام؟

 

الواقع صادم… فمعظم هؤلاء ليسوا سوى مشعوذين، كثير منهم من ذوي السوابق، محترفون في التمثيل، بارعون في ابتزاز السذّج، يأكلون أموال الناس بالباطل بينما يقدّمون أنفسهم في صورة الأتقياء.

 

والمؤلم أكثر أن بعضهم بنى “مجده” أمام الكاميرات:

ذبائح تُقدّم، أموال تُسلّم، وذهب يُهان… والمشهد يُطبَّع معه يومياً بلا استنكار، بلا قانون، بلا رقيب. وكأننا نقول للعالم:

نعم… نحن فعلاً “عالَم ثالث” حين يتربّع الجهل على رقابنا.

 

الخطر اليوم لم يعد محصوراً في الأزقة والزوايا.

فالطقوس انتقلت إلى الفضاء الرقمي، تغزو الهواتف والبيوت دون استئذان.

جيلٌ ناشئ يتابع، يقلّد، يقتنع… وما خفي أعظم وأخطر.

 

ألم يحن الوقت لوقف النزيف؟

ألم يحن الوقت لمحاربة هذه الظواهر التي تسيء لصورة المجتمع وتضرب أمنه؟

أليس في القانون مواد واضحة تُجرّم الدجل والشعوذة؟ فلماذا إذن لا يُطبَّق؟

لماذا تُترك هذه العاهات تعبث بأرواح الناس بلا محاسبة؟

 

أسئلة كثيرة… وإجابات قليلة.

لكن الحقيقة الثابتة أن مجتمعاً يترك مشعوذاً يقود العقول، لا يمكنه أن يقود مستقبله.

ويبقى سؤال مُعلّقاً في رقاب الجميع:

كيف سيكون جيل المستقبل إذا كان الجهل هو المُربّي، والمشعوذ هو القدوة؟

نخجل—والله نخجل—حين يسمّينا الآخر “عالماً ثالثاً”،

ليس لأنه يحتقرنا،

بل لأننا أحياناً… نقدّم له الدليل.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.